تتناول مذكرات المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، تفاصيل القضايا العديدة التي واجهتها وكيفية تعاملها مع المواقف الصعبة، من الأزمة المالية في عام 2008 إلى كوفيد-19، وذلك في كتابها الصادر حديثا بعنوان "الحرية".
ماذا تكشف أنجيلا ماركل في مذكراتها؟
لمدة 16 عاما، حكمت فيها أنجيلا ميركل، ألمانيا، ففي مذكراتها تستعيد حياتها في دولتين ألمانيتين، وهم ألمانيا الشرقية حتى عام 1990، ثم ألمانيا الموحدة بعد ذلك.
وتكشف كواليس صعودها كامرأة قادمة من الشرق، إلى قمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع المستوى'وكيف أصبحت بعد ذلك واحدة من أقوى رؤساء الحكومات في العالم الغربي؟ وما الأحداث التي واجهتها؟ فتروي أنجيلا ميركل في كتابها "الحرية" تفاصيل الحياة اليومية في مكتب المستشارة وكذلك الأيام والليالي الدرامية عندما اتخذت قرارات بعيدة المدى في برلين وبروكسل وخارجها.
كما تكشف في مذكراتها، عن الضغوط التي يواجهها الساسة عند البحث عن حلول للمشاكل المعقدة في عالمهم السياسي.
قصة صعود امرأة من ألمانيا الشرقية إلى القمة
وفي مذكراتها تكشف أنجيلا ميركل، كيف تغلبت على معوقتين خطيرتين كسياسية ألمانية حديثة، وهي حقيقة كونها امرأة، وكثيرًا ما يستخف بها في عالم السياسة الذكوري، وحقيقة أنها نشأت في ألمانيا الشرقية الشيوعية، ولم تدخل عالم السياسة إلا مع سقوط جدار برلين في عام 1989.
ووفقا لصحيفة ذا جارديان، فإن ميركل تحكي في كتابها، كيف تركت منصبها كعالمة أبحاث، وشقت طريقها إلى الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ وصعدت بسرعة في التسلسل الهرمي للحزب من خلال إتقانها للتفاصيل ومهاراتها التفاوضية.
ويتناول الكتاب، قصة رئيسة الحكومة في الدولة الأكثر سكانا وقوة اقتصادية، كعضو في الاتحاد الأوروبي، فنالت ميركل استحسانًا واسع النطاق لزعامتها الهادئة الواثقة، وتوفير الاستقرار والاستمرارية اللذين تشتد الحاجة إليهما.
وكانت ميركل قبل كل شيء مديرة للأزمات، تتدخل في كثير من الأحيان، للتعامل مع المشاكل الاقتصادية والسياسية المعقدة التي بدا أن الآخرين غير قادرين على حلها، وتلاحظ ميركل أن "الأمور في السياسة قد تتفاقم بسرعة أكبر مما تستطيع أن ترمش به العين"، كما تؤكد ميركل في كتابها، أن شعارها طيلة الوقت كان: "نستطيع أن نفعل هذا" we can do that.
دعمها للقضايا الإنسانية في ألمانيا
ومن الأمثلة الجيدة على إيمانها بالسياسة الواقعية المتحالفة مع دعم القضايا الإنسانية قرارها في عام 2015 بالسماح بدخول مليون لاجئ سوري فروا من الحرب الأهلية الناجمة عن القمع الذي مارسه الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة وقتها، ولا سيما اعترافها بأن "ألمانيا بلد هجرة"، الأمر الذي يجعل التدفق المنتظم للعمال الأجانب "أمرا لا مفر منه".
وتحكي ميركل عن أشهر أزمات واجهتها بلادها، ودورها كزعيمة لألمانيا، لحل الأزمة المالية في عام 2008، عندما أصرت على فرض "الانضباط المالي"، والتعامل جائحة كوفيد-19، عندما اضطرت إلى أخذ القرارات السياسات على عجل.
علاقاتها برؤوساء الدول
كما تكشف تفاصيل علاقتها الجيدة بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، الذي كانت قادرة على الحديث معه باللغة الإنجليزية، ولكنها لم تكن على علاقة جيدة مع فلاديمير بوتن، على الرغم من أنه كان يتحدث الألمانية ويمكنها أيضا التحدث بالروسية؛ وعندما علم أنها كانت تخاف من الكلاب، بعد أن عضها أحدهم، أصر على إحضار كلبه الأسود كوني إلى اجتماعاتهما لتقويض ثقتها.
أما المساحة الكبيرة المخصصة في هذا الكتاب، كانت للقضايا البيئية التي توضح مدى أهمية هذه القضية بالنسبة لها كزعيمة ألمانيا، وهو ما دفع بها إلى إغلاق كافة منشآت الطاقة النووية في ألمانيا بعد حادث فوكوشيما في عام 2011، مما حرم ألمانيا من بديل رئيسي للوقود الأحفوري.