بدأت منذ قليل فعاليات مناقشة رواية “يوم آخر للقتل” للكاتبة الروائية هناء متولي، بحضور الناقد والأكاديمي الدكتور يسري عبد الله والكاتبة الروائية والإعلامية الدكتورة صفاء النجار.
برؤية ذكية رسمت هناء متولي ملامح القرية الجديدة
وفي مستهل اللقاء، قالت القاصة هايدي فاروق: "يوم آخر للقتل" هو عنوان مشوق يثير تساؤلات عديدة. الرواية تمزج بين بدايات غامضة تدفع القارئ نحو مسارات متشابكة، وبين الواقع في صورته دون رتوش، لافتة إلى أنه يكمن سر تميز الرواية في رصدها الدقيق لواقع القرية المصرية الحالية.
وأضافت: القرية في عيون هناء متولي لم تعد ذلك الريف القديم الذي تغنى به أدباؤنا في الماضي. لم يعد الريف الساحر بأشجاره وسواقيه وبراءة قاطنيه؛ بل أصبح ريفًا مثقلًا بالبطالة والعوز، يكتنفه الغموض والأساطير.
واستكملت: البطالة في قرية كوم الديبة بطالة مقنعة، تختفي تحت ستار مهن أقرب إلى البلطجة. فقد اختفت الحرف والصناعات اليدوية لتحل محلها مهن تعكس تغير الزمن، مثل سائقي التوك توك، البلوجرز، واليوتيوبرز، والبيع أونلاين من المنازل. الفتيات أيضًا اقتحمن مساحات جديدة، مثل اقتناء الملابس من "شين" بدلًا من الأسواق التقليدية.
وأشارت فاروق إلى أنه برؤية ذكية، رسمت هناء متولي ملامح القرية الجديدة التي لا يعرف عنها سكان الحضر الكثير، كما رسمت ملامح جيل يسعى للاستسهال والمكسب السريع، مع استمرار الحلم التقليدي بالسفر إلى الخليج، في ظل انحسار الأراضي الزراعية أمام زحف الأسفلت.
وتابعت “فاروق”: في صفحة (7) من الرواية نقرأ:"المساحات الخضراء تآكلت، والقرية صارت مدينة صغيرة. حتى الألفة التي كانت تقابل بها الغرباء استحالت إلى أشباح مظلمة. التعبيرات موجزة ومعبرة، والجمل تكشف الواقع دون مواربة. ترصد الكاتبة، على لسان الراوي العليم، مظاهر الحداثة في القرية من خلال عيون البطلة سارة، التي تزور قريتها بعد غياب طويل لتتفاجأ بالتغيرات الجذرية. لم تقتصر التغيرات على الشكل الخارجي للقرية، بل امتدت إلى سلوك وأخلاق شبابها وفتياتها".
ولفتت “فاروق”: تغوص الرواية في عوالم النساء المقموعات نفسيًا وجنسيًا، وتروي قصصًا تكشف المستور عن معاناتهن. تسرد تفاصيل مؤلمة عن شخصيات مثل أسما، التي تعرضت للتحرش في طفولتها على يد الشيخ فكري. تستمر هواجس أسما تجاه بناتها وخوفها عليهن، كما يتضاعف شعورها بعدم الأمان بسبب عدم إنجابها ولدًا.
تنقل الرواية المفارقة بين تجهيزات الزواج الباذخة للبنات، التي تُعد نوعًا من الاستعراض، مقابل تجهيز الأبناء الذكور الذي يُعتبر استثمارًا.