انسحبت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من مدينة منبج شمال سوريا، إثر اتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا. هذا الانسحاب يأتي بعد تقدم المعارضة السورية المدعومة من أنقرة وسيطرتها على المدينة، ما يشير إلى تغييرات استراتيجية في ميزان القوى بالمنطقة، وسط تصاعد التوترات بين الأطراف الفاعلة في الساحة السورية.
اتفاق أمريكي تركي يغير المعادلة في منبج
أكدت مصادر في المعارضة السورية أن الاتفاق الأمريكي التركي تضمن ضمان انسحاب آمن لقوات قسد من منبج، المدينة التي كانت تُعد نقطة ارتكاز استراتيجية للقوات الكردية في شمال سوريا.
وبحسب مصدر أمني تركي، تمكنت جماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا من انتزاع السيطرة على المدينة، بعد معارك عنيفة مع قوات قسد. من جانبه، رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهذه الخطوة، قائلًا:
"إخلاء منبج من الإرهابيين إنجاز كبير يحقق أمننا القومي".
انسحاب قسد: خطوة إلى الوراء أم إعادة تموضع؟
تشير تقارير إلى أن انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من منبج قد يكون جزءًا من إعادة تموضع استراتيجي. حيث انسحب مقاتلو قسد أيضًا من تل رفعت وأجزاء من حلب في الغرب، مع تكثيف الفصائل المدعومة من تركيا هجماتها في الشمال.
ومع ذلك، يرى محللون أن قسد قد تسعى إلى تعزيز وجودها شرق نهر الفرات، حيث تتمتع بدعم أمريكي قوي وتمركز عسكري يتيح لها إعادة بناء قوتها.
التوتر التركي الكردي: جذور الصراع وآثاره
تعتبر تركيا قوات قسد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور، الذي تخوض ضده صراعًا منذ عقود. ولطالما طالبت أنقرة الولايات المتحدة بوقف دعمها للقوات الكردية، معتبرة وجودها تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
ومع الانسحاب من منبج، يرى المراقبون أن تركيا نجحت جزئيًا في فرض رؤيتها على الولايات المتحدة، لكنها قد تواجه تحديات في ضمان استقرار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المدعومة منها.
الولايات المتحدة: توازن صعب بين الحلفاء
رغم الانسحاب من منبج، تؤكد الولايات المتحدة أنها ستواصل دعم قوات قسد شرق سوريا. وتُعد القوات الكردية حليفًا رئيسيًا لواشنطن في محاربة تنظيم داعش، حيث قادت عمليات كبرى لتحرير المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم.
تمتلك الولايات المتحدة نحو 900 جندي في سوريا، معظمهم في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد. وتهدف واشنطن إلى منع عودة داعش، مع الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع أنقرة وقسد، وهو تحدٍ يزداد تعقيدًا مع تصاعد الخلافات بين الطرفين.
منبج في معادلة الشمال السوري
تُعد منبج نقطة استراتيجية تُشكل تقاطعًا للنفوذ التركي والكردي والدولي. ومع سيطرة المعارضة المدعومة من تركيا على المدينة، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة هذه الفصائل على إدارة المناطق الجديدة وسط عمليات تفتيش مستمرة لإزالة الألغام والمخلفات الحربية التي خلفتها القوات الكردية.
المشهد المقبل: مرحلة انتقالية أم تصعيد جديد؟
مع استمرار العمليات العسكرية شمال سوريا، تبرز تساؤلات حول مستقبل المنطقة. هل ستتمكن تركيا من فرض سيطرتها الكاملة على المناطق المحاذية لحدودها؟ وهل ستتمكن قسد من الحفاظ على وجودها شرق الفرات في مواجهة الضغوط المتزايدة؟