جولدا مائير؛ رابع رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية بين 17 مارس 1969 حتى 1974، وهي المرأة الوحيدة التي تولّت هذا المنصب.
في كتاب "اعترافات جولدا" الصادر في طبعة منقحة مؤخرًا عن بيت الحكمة للثقافة والنشر؛ كشف الكثير من التفاصيل عن جولدا مائير التي يعرفها كثيرون كونها كانت رئيس وزراء إسرائيل في الفترة التي اندلعت فيها حرب أكتوبر المجيدة؛ حيث شغلت هذا المنصب منذ عام 1969 حتى عام 1974 بعد أن أجبرها الانتصار المصري والعربي على تجرع الهزيمة والاستقالة من منصبها، وقد كتبت مائير مذكراتها في عام 1975 بعد عامين من هزيمتها المذلة، وبعد عام من استقالتها وانتهاء دورها السياسي، وقبل ثلاث سنوات فقط من نهاية رحلتها في الحياة ووفاتها في ديسمبر 1978.
مذكرات جولدا مائير غطت 77 عامًا من حياتها التي امتدت لثمانين عامًا، وهي مذكرات لا تلقي الضوء فقط على حياتها الشخصية والسياسية، بل تعد مرجعًا مهمًا لتاريخ الاستيطان اليهودي لأرض فلسطين، ولكيفية قيام الكيان الصهيوني، واستعراض شامل للصراع العربي الإسرائيلي، من وجهة نظر الصهيونية.
ولدت فى عائلة فقيرة في أوكرانيا
بحسب الكتاب، ولدت جولدا مائير لعائلة ما يوفيتش اليهودية الفقيرة فى كييف عاصمة أوكرانيا اليوم والتي كانت تابعة وقتها للإمبراطورية الروسية القيصرية - وحسب قولها فقد أكسبها فقر أسرتها شعورًا بأن الحياة قاسية وأنه لا يوجد عدل في أي مكان.
ومن المعروف أن سنوات الطفولة هي سنوات التكوين في حياة أي إنسان ولهذا فقد كان لفقر أسرتها إلى جانب شعورها بالجو العدائي نحوها في كييف لكونها يهودية أثره الكبير على نفسيتها، فهي تعترف بأنها لم تشعر في أي وقت بالحنين إلى هذا الماضي رغم تأثيره على معتقداتها، وتعترف أيضا أنها حتى بعد هجرة أسرتها إلى أمريكا بحثا عن الرزق، لم تعرف أو تخالط فيها سوى اليهود، وأنها ظلت على هذا النحو طيلة حياتها؛ مما يدل على شيئين: أولهما أن المشكلة اليهودية هي صناعة غربية في الأساس، فبينما كان اليهود يتعرضون للاضطهاد في أوروبا، لم يكن وضع اليهود الشرقيين بهذا السوء، بل كان يمكن لهم أن يكون منهم الوزراء والتجار الأغنياء في بيئة متسامحة مشجعة، وثانيهما أن اليهود سيطرت عليهم عقلية الجينو (الأحياء اليهودية)، وقابلوا تلك العنصرية بعنصرية مضادة، ولكن صبوها على العرب واستولوا على قطعة من بلادهم بالعنف والمكر والخديعة، بل إن اليهود يتبادلون العنصرية فيما بينهم وما تقسيم أنفسهم إلى غربيين (أشكيناز) وشرقيين (سفارديم) ويهود الحبشة (فلاشا)، إلا تجسيد للعنصرية التي تأكل نفسها بنفسها، ولعقلية الجيتو التي بحثت لنفسها عن مكان على أرض شعب آخر، ولكنها لم تشعر فيه بالأمان فأحاطته بالمستوطنات والجدران العازلة والمعابر الأمنية.
واعتنقت الأفكار الصهيونية في السابعة عشر من عمرها
وبحسب الكتاب؛ فإن مائير اعتنقت في السابعة عشر من عمرها الأفكار الصهيونية وانضمت خلال فترة دراستها إلى الحركة الصهيونية ومنظمة عمال صهيون أبو عالي تسيون، وعلى الرغم من حصولها على الجنسية الأمريكية فإنها قررت الهجرة إلى فلسطين، واشترطت على خطيبها أنها لن تتزوجه ما لم يتم تحقيق وعد بلفور، الذي شجع العديد من الصهاينة على الهجرة إلى فلسطين، وهو ما تم بالفعل في عام 1921، عقب وعد بلفور.