في خطوة اقتصادية استراتيجية، اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بتحديد سعر الغاز الطبيعي للمناطق الحرة والاقتصادية بالدولار الأمريكي، في خطوة تهدف إلى تعزيز موارد الدولة من العملة الصعبة.
تحديد سعر الغاز الطبيعي للمناطق الحرة والاقتصادية بالدولار
يشمل القرار المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي في عملياتها الصناعية، مثل صناعات البتروكيماويات، الأسمنت، والحديد والصلب.
يمثل هذا القرار تحولًا مهمًا في سياسة تسعير الغاز الطبيعي، حيث سيتم تحصيل قيمته بالدولار بدلاً من الجنيه المصري، ويُتوقع أن يوفر هذا التحول نحو 400 مليون دولار سنويًا، مما يسهم بشكل كبير في تحسين احتياطي النقد الأجنبي، يعتمد هذا على استهلاك المناطق الحرة والاقتصادية لحوالي 2.3 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، بما يعادل 13-15% من إجمالي استهلاك القطاع الصناعي.
يوفر هذا التحول نحو 400 مليون دولار سنويًا
ويحتل القطاع الصناعي المرتبة الثانية في استهلاك الغاز الطبيعي بمعدل 25% من إجمالي الاستهلاك الوطني. وتلعب الصناعات كثيفة الاستهلاك، مثل صناعة البتروكيماويات والإسمنت، دورًا حيويًا في الاقتصاد المصري، من خلال تعديل تسعير الغاز لتتناسب مع الأسعار العالمية، تسعى الحكومة إلى تقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي وتوفير موارد إضافية لدعم الميزانية العامة.
تعتمد الحكومة على آلية تسعير جديدة للغاز تضمن التوازن بين احتياجات الصناعات الثقيلة واحتياجات الدولة المالية. تم تحديد سعر الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك مثل الحديد والصلب بـ 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما سيتم تحديده لمصانع الأسمدة بما لا يقل عن 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
من خلال هذا القرار، تسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها زيادة تدفق العملة الصعبة، تحسين عدالة توزيع الطاقة، وتعزيز التنافسية الصناعية. كما يساهم هذا الإجراء في تحقيق أهداف اقتصادية طويلة الأجل، مما يسهم في الاستدامة المالية والنمو المستدام للاقتصاد المصري.
في الختام، يمثل قرار الحكومة المصرية بتحويل سداد قيمة الغاز الطبيعي من الجنيه المصري إلى الدولار خطوة استراتيجية هامة تهدف إلى تعزيز الاحتياطيات من العملة الصعبة وتحقيق استدامة مالية للاقتصاد الوطني. هذا القرار لا يقتصر على تحسين الإيرادات الحكومية فحسب، بل يسهم أيضًا في تقليل الاعتماد على القروض الخارجية، مما يخفف من الضغط على الموازنة العامة ويعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية.
من خلال تطبيق آلية تسعير مرنة تضمن توازنًا بين احتياجات القطاع الصناعي والموارد المالية للدولة، تفتح الحكومة أمام الصناعات كثيفة الاستهلاك للغاز المجال لتحقيق تنافسية أكبر في الأسواق العالمية، خاصة في ظل تسعير يتماشى مع المعايير العالمية للطاقة.
إن هذه الخطوة تتماشى مع رؤية مصر لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث لا تقتصر فوائدها على زيادة تدفق العملة الصعبة، بل تتعدى ذلك لتعزيز التنافسية الصناعية وجذب الاستثمارات. ومن خلال توفير بيئة اقتصادية أكثر شفافية واستقرارًا، تضع الحكومة الأسس اللازمة لتحقيق المزيد من التقدم والتنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
إلى جانب ذلك، يأتي هذا القرار في وقت يتطلب فيه الاقتصاد المصري مزيدًا من الإصلاحات الهيكلية العميقة والابتكارات الاقتصادية التي من شأنها أن تعزز من موقع مصر على الساحة العالمية. فإذا ما استمرت الحكومة في تنفيذ سياسات مشابهة، فإنها ستكون قد وضعت نفسها على الطريق الصحيح نحو مستقبل اقتصادي أكثر استدامة وقوة.