تعتز الدكتورة زبيدة عطا، زوجة الأديب الراحل فتحي غانم، بزوجها الذي أخلص لـ الكلمة، ووهب حياته من أجلها، ما بين الصحافة والأدب، لم يتوقف قلم فتحي غانم إلا وقت رحيله عام 1999، تاركًا للمكتبة العربية عدد كبير من الروايات والمقالات والقصص التي أصبحت مع الوقت من روائع الأدب العربي.
ومع احتفالات وزارة "الثقافة" بالذكرى المئوية لميلاد فتحي غانم، التقت "الدستور" مع الدكتورة زبيدة عطا، أستاذة التاريخ الإسلامي، عن شريك العمر، في حوار خاص، للكشف عن تفاصيل حياة فتحي غانم التي لا يعرف عنها الكثيرون.
في البداية.. ما شعورك باحتفال "الثقافة" بمئوية ميلاد فتحي غانم؟
فتحي غانم هو "الرجل الذي لم يفقد ظله"، كما كتبت الصحافة وقت رحيله، وأشكر لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، على أنهم تذكروا فتحي غانم واحتفلوا بمئويته وإطلاق مسابقة باسمه، كما أشكر الدكتور أحمد مجاهد لأنه كشف عن المجموعة الكاملة لرواياته.
ثم لابد وأن تحدثينا عن "فتحي غانم" شريك العمر
فتحي غانم كان إنسانًا دمث الخلق، وفتحي غانم كزوج، وكان بيتعمل معي برقي شديد، وهو من الأشخاص الذين يقدرون المرأة ومكانتها وعملها، ولم يكن يتدخل في شئ يخصني، وحينما كنت أطلب رأيه كان دائمًا يقول لي: الرأى الأول والأخير لكي، وعليك أن تقرري بنفسك وليس أنا. فكان رجل منفتح لأقصى درجة.
ماذا عن فتحي غانم رئيس تحرير كبرى الصحف المصرية؟
كان فتحي غانم يتعامل مع الجميع بتواضع شديد، رغم أنه وصل لأعلى المناصب الصحفية، من رئيس مجلس دار التحرير أيام عبد الناصر، ورئاسة كل من وكالة الشرق الأوسط، ومجلة صباح الخير وروزاليووسف وغيرها.
ومعظم المجموعة التي قادت هذه المؤسسات فيما بعد، كانت من تلاميذ فتحي غانم وظلوا يعتزوا بأستاذهم.
رغم رحيله.. هناك الكثيرون من الكتاب يعتزون بفضل فتحي غانم عليهم.. ماذا تتذكرين؟
بالفعل، أذكر أنه هناك أشخاص كثيرون قالوا لي إن فتحي غانم من ساعدنا في العمل بالصحافة، فكان فتحي غانم دائم التشجيع للشباب، وفي أحد المرات قال لي طارق الشناوي إن فتحي غانم كان سببًا في أن يعمل بـ روزاليوسف وهو من وجهه للكتابة في القسم الفني.
وحينما عاد فتحي غانم مرة أخرى لرئاسة روزاليوسف طلب أن يكون معه صديقه وحبيبه صلاح حافظ، وهو ما يدل أنه كان إنسانًا في التعامل بمعنى الكلمة.
بعيون الزوجة والحبيبة.. كيف قرأتي أعمال الأديب فتحي غانم؟
أرى أن كتابات فتحي غانم كانت تعبر عن وضع مصر وقتها، فلم يكتب عن طبقة معينة، ولكن في أغلب أعماله كان شخصيات رواياته من الطبقة الوسطى، وبدأ أعماله بكتابة رواية "الجبل".
ماذا تتذكرين وقت كتابة فتحي غانم لوحدة من أشهر روايته "الجبل"؟
حينما كتب هذه الرواية أتذكر أنه كان عليها إقبال كبير، فكتبها في البداية في صحيفة روزاليوسف، وتعود قصة الرواية عندما ذهب لمراجعة شكوى كانت مقدمة من أحد الأهالي ضد المعماري الدكتور حسن فتحي، لرفضه أن يترك الجبل ويسكن قرية "الجرنة" ومنها نبعت فكرة الرواية التي سعى فتحي غانم أن يناقش فيها الصراع بين التطور والفكر التقدمي حينما يفرض على أفراد لا يمكن أن يتقبلوه، فقبل أن تغير الحكومة حياة الناس، لابد من توفير لهم بيئة عمل مناسبة، فلم يوافق أهل الجبل وقتها النزول للقرية، وترك الجبل الذي كان بمثابة مكان عملهم وقوت يومهم.
هل بالفعل كانت شخصيات روايات فتحي غانم من كبار الصحفيين المعروفين؟
في روايتي فتحي غانم بعنوان"الرجل الذي فقد ظله"، و"زينب والعرش"، اجد أنهما أفضل ما كتب عن كواليس الصحافة المصرية، وبالفعل هناك شخصيات سياسية صحفية معروفة قالت عن نفسها أنها ضمن هذه الشخصيات التي كتب عنهم فتحي غانم في رواياته.
فلم يكن فتحي غانم رجل تاريخ أو يكتب للتوثيق وإنما استلهم في رواياته شخصيات معروفة، اخذ منها جزء من حياتهم وأضاف إليها الكثير، وكتاباته تميزت بأنه كان بها حياة وحركة.
أما روايته "قليل من الحب كثير من العنف" فكتبها لتعكس سياسة الانفتاح، والناس التي ظهرت وقتها، سلوكياتهم في ذلك العصر.
ما أقرب أعمال فتحي غانم لـ قلبه؟
أقرب القصص لقلبه رواية"الغبي"، وكان دائمًا يقول لي أنه يحب هذه القصة، ولاحظت أن عدد كبير من الكتاب يحبون له هذه الرواية أيضًا.
وماذا عن آخر كتابات فتحي غانم؟
في آخر أعماله كان يكتب فتحي غانم عن علاقة الصحافة وأصحاب الفكر المختلف، فكتب عن الصراع بين المبادئ الفكرية مثل الأشخاص اليسارية والأخرى، وهو ما كان يحاول أن يعكس دائمًا واقع الشعب المصري.
وكتب فتحي غانم روايته "تلك الأيام"، وهي الرواية التي أعجب بها الدكتور جابر عصفور، وحللها وكتب عنها فيما بعد.
وماذا تقولين لجيل الشباب الجديد من الفائزين بجائزة فتحي غانم للقصة؟
أسعد دائمًا، بالجيل الجديد من الكتاب، وأرى دائما أهمية التواصل بين الشباب والأدباء الكبار والمفكرين، لأن "مصر ولادة" دائمًا.