أكد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أحمد رفيق عوض، أن الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركتي فتح وحماس، لم ترتق بعد إلى مستوى المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عام.
وأوضح عوض في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هناك تفاوتات كبيرة بين فتح وحماس، ليس فقط على مستوى الأيديولوجيا والمواقف السياسية، بل أيضًا في التحالفات والتوجهات الإقليمية.
وأضاف أن هذه الفروق قد تؤدي إلى تأخير المصالحة الوطنية، وربما تجعلها أمرًا غير ممكن في المدى القريب.
أحمد رفيق: الفصائل الفلسطينية لا تدرك اللحظة التاريخية الفارقة
وأشار الدكتور عوض إلى أنه على الرغم من الظروف الصعبة والتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، فإن الفصائل لم تترقَّ بعد إلى اللحظة التاريخية الفارقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن هذا الوضع ينبع من التوجهات الفصائلية الضيقة التي تركز على المصالح الخاصة دون النظر إلى المصلحة العليا للفلسطينيين. وأضاف أن المواطنين يأملون أن ترتقي الفصائل إلى مستوى هذه اللحظة المصيرية التي قد تحدد مصير القضية الفلسطينية.
وعن استغلال الاحتلال الإسرائيلي للانقسام الفلسطيني، لفت عوض إلى أن إسرائيل تستفيد بشكل كبير من غياب التوافق بين الفصائل الفلسطينية، حيث تدعي عدم وجود طرف يمثل الفلسطينيين في المفاوضات، مما يجعل من الصعب التوصل إلى حلول سلمية.
وأوضح السياسي الفلسطيني أن إسرائيل تروج لفكرة أن الشعب الفلسطيني ليس ناضجًا بما يكفي لإقامة دولة، بل هو مجرد مجموعة من العشائر والأفراد غير المتفقين فيما بينهم. وأشار إلى أن هذا الانقسام الفلسطيني يعزز من تفتيت الموقف الفلسطيني على مختلف الأصعدة، سواء في الميدان أو على الصعيدين السياسي والدبلوماسي.
مستقبل المصالحة بين حركتي فتح وحماس
وفيما يتعلق بمستقبل المصالحة بين حركتي فتح وحماس، أشار عوض إلى أن حماس، في الوقت الراهن، تمر بمرحلة ضعف كبيرة، ما أدى إلى تقلص قدرتها على المناورة وفرض شروطها.
وأكد أن منطق العدالة والاعتدال يقتضي أن تظهر حركة حماس مرونة أكبر في التفاوض مع حركة فتح، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة قطاع غزة.
وأضاف المحلل السياسي الفلسطيني أن استمرار الوضع الراهن سيجعل الأمور أكثر تعقيدًا، وأن حماس عليها أن تدرك أن رهاناتها السابقة قد باءت بالفشل. وبالتالي، يتعين على حماس أن تتنازل عن بعض مطالبها وأن تعترف بالواقع الجديد الذي يفرض عليها الدخول في مفاوضات حقيقية مع حركة فتح.
وشدد الدكتور عوض على أن أي حلول مستقبلية للصراع الفلسطيني بحاجة إلى توافق حقيقي بين الفصائل، وأن التحديات الحالية تتطلب وحدة الصف الوطني بعيدًا عن الانقسام والصراعات الداخلية.
أحمد رفيق عوض: إمكانية التوصل إلى هدنة في غزة تظل قائمة
وقال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أحمد رفيق عوض، إن إمكانية التوصل إلى هدنة في غزة تظل قائمة، إلا أن العديد من التساؤلات تطرح نفسها حول مدى استدامتها وطول مدتها.
وأكد أن الأمر لا يتعلق فقط بما تريده حركة حماس، بل بما تقبله إسرائيل وكيفية تعاملها مع هذه الهدنة. وأضاف عوض أن حماس تطالب بوقف إطلاق نار دائم أو على الأقل هدنة طويلة الأمد، بينما ترفض إسرائيل ذلك، وتصر على أن تكون الهدنة ذات ثمن مرتفع.
وأوضح أن إسرائيل تسعى مقابل كل يوم هدنة إلى الحصول على تعويضات، مثل الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
وأشار إلى أن إسرائيل لا تسعى فقط إلى وقف إطلاق النار، بل إلى "تركيع" حركة حماس بشكل كامل. وقال: "إسرائيل تريد شطب حماس من المشهد الفلسطيني، وليس الوصول إلى اتفاق معها." ولفت إلى أن هذا يجعل المسألة أكثر تعقيدًا، حيث تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية من خلال الضغط المستمر على الشعب الفلسطيني.
أحمد رفيق عوض: لجنة "الإسناد المجتمعي" خطوة ضرورية في غزة
وفيما يتعلق بمقترح لجنة "الإسناد المجتمعي" في غزة والتي اقترحتها، التي تهدف إلى تخفيف معاناة سكان القطاع وتقديم الدعم الإنساني، شدد الدكتور عوض على أهميتها في هذه المرحلة الحرجة. وقال إن الوضع في غزة أصبح كارثيًا وفقًا لتقارير المنظمات الدولية، مما يجعل إنشاء هذه اللجنة خطوة ضرورية لتوفير المساعدات وتخفيف التوتر بين المواطنين.
وأضاف أن هذه اللجنة قد تسهم في تحسين الحياة اليومية للسكان في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها.
وأشار عوض إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في الموافقة الإسرائيلية على تشكيل هذه اللجنة، حيث من المتوقع أن تضع إسرائيل شروطًا قاسية من أجل الموافقة عليها.
وقال: "إسرائيل تسعى لتحقيق أهدافها من خلال هذه اللجنة، وليس مصلحة الفلسطينيين." وأضاف أن إسرائيل قد تستخدم اللجنة كأداة لتحقيق سيطرتها على قطاع غزة، وهي تسعى إلى الاحتلال الكامل للقطاع واستيطانه.
وأشار عوض إلى أنه رغم وجود بعض التعنت من قبل الفصائل الفلسطينية في تشكيل هذه اللجنة، فإن الشروط الأكثر صعوبة هي تلك التي تفرضها إسرائيل، والتي تهدف إلى تحقيق مصالحها الخاصة في غزة.