بعد انتهاء ولايته الأولى تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب باستمرار حروبه التجارية لحماية الدولار والاقتصاد الأمريكي من خلال الرسوم الجمركية، وقبل بداية ولايته الثانية، أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية على كل من الصين وكندا والمكسيك، كما هدد دول البريكس بفرض رسوم بنسبة 100% إذا ما اقتصرت تعاملاتهم التجارية على العملات المحلية وتخليهم عن الدولار.
التعريفات الجمركية الورقة المفضلة لترامب
وفي هذا الصدد، أكدت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن في ظل استعداد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، تواجه الأسواق والشركات والمحللون تحديًا كبيرًا في التنبؤ بالسياسات الاقتصادية التي سينتهجها.
وتابعت الوكالة، أن ترامب معروف عنه عشقه للرسوم الجمركية كما أنه يتميز أيضًا بقراراته المفاجئة، ما يضع العالم التجاري أمام مستقبل مليء بالتقلبات.
وأضافت أنه من المتوقع أن يبدأ ترامب في فرض موجات جديدة من الرسوم الجمركية تدريجيًا بدءًا من صيف 2025، مع تركيز خاص على الصين، حيث تشير التقديرات إلى أن الرسوم على الصين قد تتضاعف ثلاث مرات بحلول نهاية 2026، مع زيادات أقل شدة على بقية العالم، في خطوة منه لحماية الاقتصاد الأمريكي والدولار.
وتشير هذه الزيادات إلى احتمال ارتفاع متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية إلى حوالي 8% بحلول 2026، ويهدف هذا النهج إلى تحقيق أقصى قدر من النفوذ التفاوضي والإيرادات الجمركية، مع تجنب تأثيرات التضخم على المستهلكين الأمريكيين، وهو أحد الدروس المستفادة من فترة رئاسته الأولى.
وخلال حملته الانتخابية، لوّح ترامب بفرض رسوم تصل إلى 60% على الواردات من الصين، و10% إلى 20% على المنتجات المستوردة من بقية العالم.
وفي منشورات على منصة "تروث سوشال" الأسبوع الماضي، هدد بفرض رسوم بنسبة 25% على المكسيك وكندا إذا لم تتخذ الدولتان إجراءات ضد المهاجرين والفنتانيل، إضافة إلى 10% على الصين إذا لم توقف تصدير هذا المخدر.
وأضافت الوكالة أنه إذا تحققت هذه التهديدات، فقد تؤدي إلى تراجع التجارة الأمريكية مع العالم، خاصة مع الصين، وتؤثر على سلسلة التوريد العالمية.
فريق ترامب الاقتصادي
وبحسب الوكالة الأمريكية، فقد عين ترامب سكوت بيسنت وزيرًا للخزانة، في خطوة فسرت بأنها محاولة لطمأنة الأسواق. بيسنت، مؤسس صندوق التحوط Key Square Group، والذي يدعم استخدام الرسوم الجمركية لزيادة الإيرادات الحكومية ومعالجة الاختلالات الاقتصادية العالمية، لكنه يدعو أيضًا إلى التركيز على رفع النمو الاقتصادي الأمريكي إلى أكثر من 3%.
على صعيد التجارة، عيّن ترامب جيمسون غرير ممثلًا تجاريًا للولايات المتحدة، والذي كان رئيس موظفي الممثل التجاري السابق روبرت لايتهايزر، يشير تعيينه إلى استمرار النهج الحمائي الصارم تجاه الصين، ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان لايتهايزر، الذي يعتبر العقل المدبر وراء سياسات ترامب الجمركية الأولى، سيشارك بشكل رسمي في الإدارة الجديدة.
تأثيرات كبرى لحرب ترامب التجارية
وأشارت الوكالة، إلى أن فرض ترامب للرسوم الجمركية من شأنه أن يؤدي إلى تراجع التجارة العالمية، من خلال انخفاض واردات وصادرات السلع الأمريكية من 21% إلى 18% من الإجمالي العالمي.
وتابعت أن الاقتصاد الأمريكي قد يواجه أيضًا ضغوطًا تضخمية متناقضة، ناتجة عن ارتفاع الرسوم الجمركية التي يتخذها ترامب لتعزيز قيمة الدولار، كما تؤدي السياسة الجديدة لترامب إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي وزيادة معدلات البطالة.
ويرى بعض المحللون في هذه السياسات فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي، في الوقت الذي يحذر آخرون من العواقب الوخيمة التي قد تواجهها الشركات والمستهلكين، ومع تاريخ ترامب في تقديم السياسات الجريئة، يبقى السؤال: هل ستقود الرسوم الجمركية إلى تحقيق وعوده الاقتصادية، أم ستزيد من التوترات التجارية العالمية.