دائما ما تكون الجرائم الأسرية من أكثر القضايا الإنسانية صعوبة، إذ تتضمن أبعادًا نفسية وعاطفية معقدة تؤثر على حياة الأفراد داخل الأسرة، من بين هذه الجرائم، تبرز حالات الاعتداء من الزوج على زوجته، حيث يُمكن أن تصل هذه الاعتداءات إلى حد الشروع في القتل، نتيجة لأمراض نفسية أو اضطرابات عقلية، مثل الهوس بالغيرة أو اضطراب الشخصية الشكاكة.
في هذه الحالات يعيش الزوج في حالة من التهيؤات والتصورات الخاطئة، يعتقد فيها أن زوجته تخونه أو تنخرط في علاقات غير شرعية، رغم أن هذه الشكوك لا تستند إلى أي دليل واقعي أو مبرر منطقي، يدفعه هذا الشك المرضي إلى تصرفات متطرفة، تصل أحيانًا إلى الاعتداء الجسدي أو الشروع في القتل، معتقدًا أنه الوحيد القادر على استعادة السيطرة على "التهديد" الذي يراه في خياله.
وإن كانت التهيؤات والمرض النفسي قد تسلب من الزوج تفكيره وعقله ويظن بأن زوجته تخونه، ولكن كيف يكون العشيق في هوس الزوج هو ابنه؟ هذه المأساة لم تكن من وحي الخيال ولكنها واقع عاشته أسرة بإحدى قري مركز العياط جنوب محافظة الجيزة.
الزوج يعاني من اضطرابات نفسية وسبق حجزه داخل مصحة لعلاج الأمراض النفسية، كانت ضحاياه زوجته وابنه، الأسرة تفككت وأصبحت الزوجة والابن داخل المستشفى يصارعان الموت بعد تلقيهما إصابات طعنية علي يد ذلك الزوج الذي اتهم زوجته بإقامة علاقة غير شرعية مع ابنه وانهال عليهما ضربا بالسكين.
مريض نفسي يطعن زوجته وابنه
تفاصيل تلك الواقعة المأساوية كما دونتها سجلات ضباط مباحث مركز شرطة العياط بمديرية أمن الجيزة كانت بتلقي المقدم أحمد عبد الفتاح الملطاوي رئيس وحدة المباحث، إشارة من غرفة عمليات النجدة مفادها وقوع حادث طعن داخل شقة سكنية بدائرة المركز.
وعلى الفور؛ انتقلت الأجهزة الأمنية إلى محل البلاغ، وبالفحص تبين أن عامل يدعى "محمد س" أقدم على طعن زوجته "أماني" 37 سنة، وابنهما "سالم" 15 سنة، بعد أن شك في وجود علاقة غير شرعية بينهما.
كانت السكين هي الأداة التي استخدمها لتنفيذ جريمته، وأصابت زوجته في ذراعها وفخذها، بينما أصاب ابنه بطعنات متفرقة في الرقبة والصدر والبطن كانت الإصابات خطيرة للغاية، ما استدعى نقلهما إلى المستشفى بين الحياة والموت في حالة غيبوبة شبه كاملة بسبب الطعنات.
لحظات الرعب في المنزل
بدأت الحادثة عندما دخل "محمد" إلى منزله بإحدي قري مركز العياط ، متوهماً وجود زوجته وابنه في وضع يدل على وجود علاقة غير شرعية بينهما، فاستل الزوج سكينًا حادًا وبدأ في طعن الزوجة والابن على الفور، ما أدى إلى نزيف حاد وجرح عميق في جسديهما، كانت الصرخات والرعب يعم المنزل، بينما لم يكن هناك من يوقف هذا المشهد المروع.
وعندما حضرت الشرطة كان الزوج "محمد" يصرخ بكلمات غير مفهومة وهو جالس بالقرب من ضحاياه، وكأنما يعبر عن ندمه بطريقة غريبة، قائلاً: "مراتي بتخونني مع ابننا يا بيه في شقتي وشوفتهم نايمين مع بعض وأنا اللي طعنتهم".
تم القبض عليه في الحال، واقتيد إلى مركز الشرطة، حيث جرى التحقيق معه، اعترف بارتكاب الجريمة، مدعيًا أنه بدأ يلاحظ تصرفات غريبة لزوجته وابنه، مما دفعه إلى تصديق شكوكه غير المبررة، حيث شك في وجود علاقة بين زوجته وابنه، وهو ما دفعه إلى تنفيذ هذه الجريمة النكراء.
انفصام الشخصية
وبعمل التحريات تبين أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية شديدة، وكان قد تم احتجازه سابقًا في مستشفى للأمراض النفسية بسبب إصابته بانفصام في الشخصية، وعلى الرغم من تاريخه المرضي، لم يتمكن أحد من ملاحظة تدهور حالته النفسية بشكل كافٍ، مما جعل هذه الجريمة تقع.
ويواصل رجال المباحث الاستماع إلى شهادات الجيران وأفراد العائلة للوقوف على ما حدث بدقة ويشير بعض المقربين من العائلة إلى أن الزوج كان يعاني من حالة اكتئاب شديدة قبل الحادث، وأن تصرفاته كانت غريبة في الآونة الأخيرة، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتبرير ما قام به من جريمة بشعة.
حالة المصابين
في المستشفى، كانت حالة "أماني" وابنها "سالم" حرجة للغاية، إذ كانت الطعنات قد اخترقت مناطق حيوية من جسديهما، بينما كانت الزوجة فاقدة للوعي بسبب النزيف الحاد، كان الابن في حالة شبه غيبوبة، تم إجراء عدة عمليات جراحية لهما، وكان الأطباء يبذلون قصارى جهدهم من أجل إنقاذ حياتهما، لكن الحزن كان يسيطر على أفراد عائلتهما، ولم يتخيل أحد أبدًا أن تصل الأمور إلى هذا الحد المأساوي.
وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وبالعرض علي النيابة العامة والتي بدأت التحقيقات في الملابسات الكاملة للجريمة، واستعلمت عن الحالة الصحية للمصابين تمهيداً لسماع أقوالهم.
كما واجهة النيابة المتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط أقر بارتكابه الواقعة وأمرت بحبس المتهم 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيقات وطلبت الأوراق التي تثبت وجود المتهم في مصحة نفسية سابقاً تمهيداً لقرار وضعه تحت الملاحظة داخل مستشفي الأمراض النفسية لبيان مدي سلامة قواه العقلية وجاري استكمال التحقيقات.