أكد الباحث السياسي السوري الدكتور قصي عبيدو، أن الهجوم الذي شنته الملشيات الإرهابية الأسبوع الماضي في حلب وإدلب جاء في توقيت حساس، حيث يعتقد أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلاله للضغط على سوريا عبر بوابة حلب، التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد.
واعتبر قصي عبيدو أن هذا الضغط يأتي في محاولة من إسرائيل لإجبار الحكومة السورية على تقديم بعض التنازلات في الملفات الإقليمية، وخاصة في ما يتعلق بالمقاومة في لبنان وفلسطين.
قصي عبيدو: إسرائيل تشعل سوريا بسبب فشلها في غزة
وأضاف الباحث السوري في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التصعيد الإسرائيلي قد يكون جزءًا من محاولات تل أبيب لتحقيق مآرب معينة تتعلق بالأسري، وهو أحد الشعارات التي رفعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بداية الحرب على غزة لكن، ورغم مرور عام على الحرب، لم تحقق إسرائيل أيًا من أهدافها، سواء في استعادة الأسرى أو القضاء على حركات المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي.
وأكد عبيدو أن سوريا لن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وأنها لن تضغط على أحد أو تقدم تنازلات تمس الأمن القومي لفلسطين أو لبنان.
واعتبر أن دعم سوريا للمقاومة الفلسطينية هو موقف ثابت، داعمةً حقها في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس.
وأكد أن سوريا، كونها حليفًا للمقاومة، لن تفرض على أي جهة تقديم تنازلات تهدد الأمن القومي لفلسطين أو لبنان.
وتوقع قصي عبيدو أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيدًا كبيرًا في الضغوطات على سوريا، قد يتجسد في فتح عدة جبهات في الداخل السوري، على غرار تلك التي نشأت في إدلب وريفها، وكذلك في حلب وريفها، كما أشار إلى إمكانية تصاعد الأوضاع في منطقة درعا، في وقت يواصل فيه الإرهاب تنظيماته المسلحة أنشطتها على الأراضي السورية، مدعومة من قوى خارجية.
ولفت إلى أن الهدف من هذه الضغوطات هو إشغال الدولة السورية على عدة جبهات في وقت واحد، في محاولة للضغط عليها وتوجيهها نحو تقديم تنازلات.
وأشار عبيدو إلى أن هذه الضغوطات قد تكون مدفوعة بمحاولات إسرائيلية لتحقيق أهداف سياسية تتعلق بملف الأسرى، حيث يواصل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعيه الحثيث لإعادة الأسرى الإسرائيليين، وهو ما فشل فيه حتى الآن.
واعتبر أن المقاومة الفلسطينية، تمتلك أوراق ضغط قوية في هذا الملف، ولن تقدم هذه الأوراق إلا بشروط كاملة، مما يجعلها محورية في المعادلة.
قصي عبيدو: جهات محددة تقف وراء هجوم حلب وإدلب
وشدد عبيدو على أن سوريا ستكون على استعداد للتعامل مع هذا الضغط دون أن يؤثر ذلك على سياستها الخارجية أو على موقفها الثابت في دعم القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس، وأضاف أن سوريا لن تنشغل عن دعم المقاومة اللبنانية في مواجهة التحديات التي تواجهها.
وأكد عبيدو أن هناك جهات محددة تقف وراء هذا التصعيد في حلب وإدلب، مشيرًا بشكل واضح إلى العدو الإسرائيلي، الذي يترافق في مساعيه مع الدعم الأمريكي.
وشدد الباحث السوري على أن سوريا تواجه مجموعة من التحديات المتشابكة، تتراوح بين الاحتلالات الأجنبية والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، إلى جانب الهجمات الإرهابية المدعومة من قوى خارجية تسعى لتدمير سوريا من الناحيتين العسكرية والسياسية.
وأضاف أن هذه القوى تسعى لتقسيم سوريا خدمة للمصالح الإسرائيلية، التي تهدف إلى تحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات.
وقال عبيدو إن من حق الدولة السورية الدفاع عن نفسها في مواجهة هذه التهديدات، وأنها ستظل ثابتة في مواقفها الوطنية والقومية، وأنها لن تسمح لأي جهة كانت بالتأثير على سيادتها أو إملاء شروطها.
وشدد قصي عبيدو على أن سوريا ستتعامل بحزم وقوة مع التحديات الراهنة، وذلك وفقًا للتوجيهات الدقيقة التي أصدرها الرئيس بشار الأسد للقوات المسلحة، مشيرا إلى أن الجيش العربي السوري تلقى تعليمات واضحة من القائد العام للقوات المسلحة تتضمن عدة أولويات، أبرزها حماية المدنيين والحفاظ على البنية التحتية، مع مراعاة تجنب أي إصابات في صفوف المدنيين خلال العمليات العسكرية.
قصي عبيدو: الجماعات الإرهابية حولت المدنيين لدروع بشرية في سوريا
وأوضح عبيدو أن المجموعات الإرهابية، التي دخلت بعض الأحياء الشعبية، قامت باستخدام المدنيين كدروع بشرية، ما دفع الجيش السوري إلى اتخاذ إجراءات دقيقة ومدروسة لتحرير هذه المناطق.
وأكد أن الجيش السوري تمكن من إخراج المدنيين الذين تم استخدامهم كدروع بشرية، وشن هجومًا حازمًا على المجموعات الإرهابية، مما أسفر عن مقتل أكثر من مائة من عناصر هذه الجماعات، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر وتدمير العديد من الآليات العسكرية.
وأضاف عبيدو أن المجموعات الإرهابية أظهرت وحشيتها من جديد، من خلال الهجوم على المدنيين وعناصر الجيش السوري، فقد وقع العديد من الأسرى في أيدي هذه الجماعات، وتم ذبحهم بطريقة همجية، ما يعكس قسوتهم وانعدام إنسانيتهم.
وأشار إلى أن هؤلاء الإرهابيين لا ينتمون إلى أي دين أو أخلاق، وأن تصرفاتهم تخلو من أي إنسانية، كما شدد على أن هؤلاء الجماعات لا تمثل المعارضة، بل هي تنظيمات إرهابية تستهدف تدمير سوريا.
وعن دعم روسيا لسوريا في مواجهة هذا الهجوم، أكد الباحث السياسي السوري أن العلاقة بين سوريا وروسيا تتمتع بعمق تاريخي، حيث تواصلت هذه العلاقة على مدار أكثر من أربعين عامًا مشيرا إلى أن روسيا كانت إلى جانب سوريا منذ عام 2015، حين وقفت دعمًا لها في مواجهة التحديات التي واجهتها.
وأوضح عبيدو أن وجود روسيا في الأراضي السورية جاء بناءً على اتفاقيات رسمية بين الحكومتين، ما خلق تحالف استراتيجي بين البلدين.
وأشار عبيدو إلى أن روسيا قدمت دعمًا كبيرًا للدولة السورية في مواجهة المجموعات الإرهابية، حيث تتعاون معها لتنفيذ ضربات عسكرية تستهدف هذه الجماعات بهدف الحفاظ على الأمن السوري وتحرير الأراضي من الإرهابيين. ولفت إلى أن هذا التعاون يأتي في إطار اتفاق مشترك بين الدولتين.