سنوات طويلة وتبذل الدولة جهودًا في ملف القطاع البيئي.. مبادرات وتحركات ورسائل توعوية للحفاظ على المُناخ من مخاطر سلوكية خاطئة نرتكبها في حق أنفسنا وغيرنا.. نُغير نقاء الكون بصنيع أيدينا، نُلقي المستقبل إلى المخاطر، ونتساءل.. ما الذي حدث! وكأننا لم نُكن الجُناة يومًا.
كثيرون هؤلاء الذين يسرقون منا الحياة بسوء صنيعهم.. يُحاولون تبديد الجهود في كل مرة، يقفون حاجزًا لعرقلة الجهود المُخلصة التي تبحث عن دواء لجراحنا.. هؤلاء الذين يسرقون منا الحياة.. يسرقون الحاضر والمستقبل.. منهم مَن يُلوثون الهواء بأدخنتهم ومُخلفاتهم الخانقة.
لصوص الحياة هؤلاء كنا على موعد معهم في منطقة جبلية متاخمة لمدينة 15 مايو جنوب القاهرة.. مناطق واسعة تحوي مقالب قمامة ومخلفات على مساحات كبيرة.. "هذه مصانع تدوير مخلفات دون ترخيص" كان يُشير لها النائب عيد حماد، عضو مجلس النواب عند دائرة حلوان، متحدثًا للجنة قادمة من وزارة البيئة لحل لغز الرائحة الكريهة التي تخنق سكان مناطق بحلوان ومايو والتبين.. كانت الأدخنة تتصاعد، والرائحة كريهة، والحشرات تملأ المنطقة.
في صورة واحدة وبنظرة واحدة؛ يُمكنك أن تشاهد الخير والشر معًا.. هُنا البنايات الحديثة لمشاريع الإسكان التي دشنتها الدولة للمواطنين لينعموا بسكن آمن وكريم.. هُنا الأيادي المخلصة التي عملت وعمّرت وطوّرت وانتشلت أجيال إلى واقع أفضل.. وعلى الجهة الأخرى يعمل آخرون على تلويث حياتهم بمصانع ومحروقات تُدمر أجهزتهم التنفسية.. أمراض تحملها أدخنتهم لتقتحم أجساد المواطنين.. بلا ذنب.
شاهدت بعيني تحركات نائب حلوان ولجنة وزارة البيئة.. قطعنا مسافات طويلة في طُرق جبلية وعِرة من أجل كشف ما يجري خلف التلال من جرائم ضد صحة المواطنين والبيئة.. كان الجميع يبحث ويرصد ويُدوّن من أجل أن تكتمل الجهود الصادقة من أجل الوطن، وأن نواصل التصدي للصوص الحياة، وتكتمل المسيرة في طريق الوطن الجديد.. الذي به نحلُم.