السبت 23/نوفمبر/2024 - 11:21 م 11/23/2024 11:21:28 PM
بحفاوة بالغة وكلمات حب، ودع المشاركون وضيوف مهرجان القاهرة السينمائي الـ45.. دورة استثنائية أكدت أن السينما لاتنفصل عن الواقع، فهي كائن يستمد نبضه من معاناة الإنسان أينما كائن أو يكون، حملت هذه الدورة أوجاع وألام الشعب الفلسطيني في غزة، الأمر الذي أكسب مهرجان هذا العام طابعا خاص.. فكان أهل غزة الغائب الحاضر.
نجاح هذه الدورة لم يقف عند المسافة صفر من أحداث غزة.. لم تجد إدراة المهرجان غضاضة أن تعلن تضامنها مع القضية الفلسطينية منذ بداية عرض فيلم الافتتاح عن فلسطين. كما شهدت الدورة 45 عرض 192 فيلما رسميا، تميزت هذه الدورة بعرض أفلام تجسد المعاني الانسانية بعيدا عن العنف والضجيج ولون الدماء، وان كان الفيلم السينمائي يحمل مضمون فكري ثقافي يعبر عنه بلغة الصورة السينمائيه، جاءت أغلب الأفلام قريبة من النفس البشرية.. اقتربت أكثر من الإنسان بأن جسدت احساسه ومشاعره من واقع قصص وان اختلفت جنسيات البشر تبقي الأحاسيس الإنسانية من رحم حواء أم الكوكب جمعاء.
يبدو أن الكتاب وصناع السينما ضاقت بهم الأرض بما رحبت، وأزعجتهم قصص العنف والدمار، وأحلت بهم قصص أقرب إلي وجدان الإنسان، هنا لانقصد القصص الرومانسية الحالمة فقط، إنما هناك ماهو أبعد من ذلك، فالمخلوق العجيب "الإنسان" معقد الشفرة، ومتنوع الرغبات يحتاج لمن يعبر عنه بصدق ويقدمه تقديم يليق به حيث تلعب السينما دورها بأن تقترب من تفاصيل دقيقة قد يراها البعض متناهية في الصغر وإن كان الواقع يخبرنا بأهمية هذه التفاصيل.. وفي ظل عالم معقد بل يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، يبحث الإنسان عن أنماط مختلفة تحتوية وتفسر وتعرض كل هذه التعقيدات التي يرغب في الافصاح عنها، هنا تأتي السينما ويأتي دور صناعها في الإقتراب والاحتواء والإعلان عن مضامين انسانية يجسدها أشخاص نطلق عليهم ممثلون "مشخصاتيه"، البارعون منهم من يتقن أداء التشخيص... بالعودة لأفلام مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام نجح الفنان حسين فهمي ريئس الدورة الـ45 في جذب أفلام من معظم دول العالم، الحدوته الرئيسية التي جمعت تلك الأفلام كان القاسم المشترك بنها التفاصيل الإنسانية، بدعوة من صناعها تقول للجميع اقترب أنت من تهمنا في هذا الكوكب سنعبر عنك أيها الانسان، أنت وحدك من له الحق في أن نهتم بمشاعرك ومعاناتك.
كان النصيب الأكبر الذي استحوذ علي مشاعر ضيوف ورواد أفلام مهرجان القاهرة السينمائي من السينما التسجيلية الفلسطينية.. لم يكن التواجد هذا العام صدفة، إنما جزءا من التضامن الإنساني والمشاركة والمؤازرة لشعب فلسطين، ذاك الشعب الذي يعيش حياة بائسة أقل ما يقدم له أن يقول له الجميع نحن معكم نشعر بكم في كل المحافل واللقاءات التي تجمع شعوب العالم علي مساحة من الإنسانية.
كان أهل غزة الحاضر الغائب ضمن فعاليات المهرجان، يبدو أن هناك تفاصيل ومعاناة لم تلتقطها كل وسائل الإعلام التي تنقل لنا الحرب علي الهواء مباشر، نجح المخرج الفلسطيني "رشيد مشهراوي" في تقديم مجموعة من الأفلام التسجيلية بعنوان "من المسافة صفر" يحمل 22 مخرجا من غزة تحت القصف يرصدون بكاميراتهم الحياة اليومية لسكان غزة، من داخل خيام النازحين من المسافة صفر سجلت كاميرات المخرجين من الشباب الحياة اليومية داخل الخيام باتت الصورة أوضح ترصد ألام وأوجاع من فقدوا حقهم في الحياة ويعيشون تحت تهديد الموت، هؤلاء المخرجون دفع بهم الأب الروحي "مشهراوي" كيف يرصدون واقع شعب عالق تحت الصواريخ ورشقات الرصاص.. أفلام أخري سجلت الرعب والكوابيس الليلية التي تفزع أطفال غزة.
لقد تفاعل جمهور المهرجان بقلبه واحساسه بكل تفاصيل الألم والوجع الفلسطيني، وجاءت الجوائز التي حصدها هؤلاء الشباب من المخرجين بقدر ما عبرت عن جهد وتعب وعمل سينمائي ربما كانت الجوائز والاحتفال بهم تقديرا لحجم المأساة والحدث الجلل في غزة.. إنها كاميرا السينما أحد أذرع القوة الناعمة التي سجلت وعبرت عن الإنسان وعن أوجاعة وألامه، كما لم تنسي أن تسجل أحلام الغد واستشراف المستقبل.
من أروع الكلمات التي جاءت في ليلة الختام ما اختتم به الفنان حسين فهمي قائلا:"علي هذه الأرض مايستحق الحياة، الفن اللي من خلاله بنعلن عن مواقفنا تجاه قضايا معاصرة مهمة وبنحكي عن حواديت لناس من لحم ودم، بالتأكيد يستحق الحياة"
ليلة الجمعة الماضية أسدل الستار علي 0الدورة الـ 45 لمهرجان ولد عملاقا عام 1976، علي أيدي الجمعية المصرية 1976 على أيدي الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين برئاسة كمال الملاخ، لم يتوقف سوي مرتين بسبب الأحداث التي مرت بها البلاد أثناء أحداث 25 يناير 2011، والأخري بسبب انتشار فيروس كورونا.. كان تواجد الضيوف مشرفا من أبطال الأفلام المشاركة، كما كان تواجد الفنانين حضورا متميزا، إيمانا منهم بأن دور الفنان لابد أن يكون مشاركا في المحافل الكبري، النقل التليفزيوني كان متزامنا مع توقيت حفل الختام.. وكان التواجد الفلسطيني هو الحدث الأكبر.