هل تتذكرون يوم أن خرج علينا رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وهو يحاول أن يمتص غضب الشعب من اختفاء الأدوية من الصيدليات؟، وحمل لنا بشرى بأن شركات الأدوية ستعود إلى إنتاجها الطبيعي، وأذكر أن رئيس الحكومة طلب وقتها من الأطباء أن يكتبوا الأدوية البديلة على اعتبار أنها ستكون متوفرة!!.
بصراحة أنا حزين أن تظل شركات الأدوية على موقفها المخزي ولم نشهد توفر الأدوية الشائعة في السوق مثل عقاقير الضغط والكلى والسكر والمضادات الحيوية وغيرها، أقول هذا باعتبارى «زبون دائم» على الكيرديبين والكارڤيد ٢٥ والألدوميت ٢٥٠ وأدوية الكلى، حتى لجأت في بعض الاحيان إلى الأصدقاء الذين يسافرون إلى الخارج أو يأتون منه أطالبهم بأن يشتروا لي هذه الأدوية وأنا في منتهى الخجل والكسوف مع أن مصر كانت تصدر الأدوية التي تقوم بتصنيعها للدول العربية.
للأسف أدوية الضغط الفعالة أصبحت على القائمة الرئيسية للاختفاء من الأسواق والأدوية الباقية لها تأثير سلبي على الكلى، كما أن أدوية البرد والكورتيزون وكذلك الانسولين والمراهم والكريمات وغيرها من الأدوية الشائعة عند المصريين أصبح من الصعب الحصول عليها، وبات المريض يتألم وأهله يعانون مشقة توفير علاجه!! وحرام أن تكون دولة بحجم مصر وتتلاعب شركات الأدوية بشعبها ولا يوجد مَن يحاسبهم؟.
مرضى الكلى والضغط مصنفون من اصحاب الأمراض المزمنة، لذا فأنا تعودت على شراء روشتة علاجي بما يكفي شهرًا كاملًا، فعند بداية كل شهر ميلادي أشعر بالمعاناة التي يعيشها كثيرين من أبناء شعبي، الغريب في الأمر أن هذه المنتجات التي تبدل حالها من متوافرة بل وكانت تصدر بكميات كبيرة لدول عربية وأفريقية أصبحت نادرة بالصيدليات المصرية، معاناتي كل شهر يساعدني في حلها إبن عمي الدكتور رمضان توفيق صاحب صيدليات رمضان توفيق، لكن المخجل هو حال الناس الطيبين من اصحاب الأمراض المزمنة الذين يعانون الأمرين في توفير علاج الخاص بهم.
شيء مؤلم أن تتحول الصيدليات إلى بوتيكات للتجميل، ولم تعد تهتم بالأدوية بسبب اختفائها، على أي حال بعد أن سمح البنك المركزي للبنوك بأن تحقق مطلب هذه الشركات المستوردة من الخارج، من المؤكد أن هذه الشركات ستندفع على البنوك وستشهد الأسواق طفرة من الأدوية المستوردة، المهم أن نحقق مطلب المريض المصري.
أصبحت كلمة ناقص تؤلمني عندما أسمعها من الصيادلة وأنا أسأل عن الأدوية الفعالة الشهرية لأمراض الضغط والكلى، أعترف بأنني أعاني من الضغط المرتفع بشكل مستمر وارتفاع طفيف في نسبة الكرياتينين، وعيني لا تغفل ولا ترى النوم بسبب الكلى التي فشلت شركات الأدوية في توفير أدويتها الشهرية بشكل ميسر ومستمر كما كانت عليه من قبل ، وأصبحت أشتري معظم أدويتي بطلوع الروح، خصوصًا وأن هذه الأدوية مستمرة معي مدى الحياة.
أطباء الكلى والضغط يعانون من فشل توافر الأدوية الفعالة الآمنة في معادلة العلاج الخاصة بهما، بالله عليكم هل يصل بنا الأمر إلى أن نشتريها من دول بالخارج اهتمت بصناعة الدواء فيها.. مع العلم أن مصر كانت أول دولة في صناعة الدواء.. السؤال الآن متى نكون رقم واحد في صناعة الدواء؟ قولًا واحدًا: عندما تكون هناك رقابة صارمة على شركات الأدوية في مصر، رقابة حقيقية على أرض الواقع، وليست بثني قوانين وفي الحقيقة غير مفعلة!!.
إن الضغط والكلى جعلا مني زبونًا عند عدد من أطباء الباطنة والكلى في مصر.. أصبحت لافتات الأطباء تشدني إليها وكل منهم يكتب روشتة، وللأسف الأدوية غير موجودة.. حتى توصلت للأستاذ الدكتور محمد غانم، مدرس وإستشاري الباطنة والكلى والسكر، وأستاذ زراعة الكلى، وبعد فحوصات طبية عديدة استقر به الأمر إلى روشتة دائمة لا تتغير، وأكد لي أنها مستمرة معي مدى الحياة.
والذي يؤلمني أن يخرج المسؤولون عن شركات الأدوية بتصريحات تحاول إرضاء الحكومة وهي تصريحات «فشنك»، أنا لا أمانع في أي زيادة وغيري من مرضى الأمراض المزمنة كذلك؛ لأننا في حاجة ملحة إليه، ونعلم أن الحكومة تتحمل أعباء كثيرة لتغطية احتياجات المواطن المصري.. والله من العيب أن تتكاسل شركات الأدوية عن إنتاجها رغم مساعي الحكومة في توفير العملة الأجنبية التي تساعدهم في إستيراد المواد الخام اللازمة.
شركات الأدوية رفعت أسعار جميع العقاقير في مصر مرات عديدة حتى وصلت في كثير من الأصناف إلى ٩٠٠٪ ويزيد، رغم ذلك تقوم الشركات المنتجة للدواء بتخزينه ليشح المنتج ويقل من الأسواق، وبعدها تقوم بطرحه مره أخرى في الصيدليات بكميات متوفرة لكن بأسعار مختلفة عما كانت علية وهيئة الدواء المصرية محلك سر!! ثم تعود في إخفاءه مرة أخرى وتعيد نفس الخطوات فيتهافت عليه السوق فتقوم بتوفيره لكن بسعر أعلى وهكذا، ويغيب هنا دور هيئة الدواء والرقابة ومحاسبة الشركات.
مازلت اكرر الشعب المصري لا يمانع في أي زيادة رغم المبالغة المستمرة في التسعير، المهم توفير الدواء المطلوب، فكفى على المرض آلام المرض، لا يغيب عن المصريين أن الدولة من جانبها تبذل قصارى جهدها في توفير احتياجاتهم الدولارية، لكن ستظل شركات الأدوية تتلاعب بسوق الأدوية طالما غابت عنها الرقابة، وتكاسلت الحكومة في محاسبتهم!!
وأخيرًا: شيء مهم جدًّا وخطير وهو أن كبار السن يعانون من نقص أدوية ألزهايمر، صحيح أن هذه الأدوية لا يتم تصنيعها في مصر لكنني أطالب الشركات الخاصة التي تستورد الأدوية بالاهتمام بأدوية ألزهايمر مثل الذين يستوردون الأدوية التي تحقق أرباحًا طائلة مثل الفيتامينات، فأدوية ألزهايمر لها الأولوية والأهمية.. لذلك أسألكم أن تكونوا رحماء بكبار السن.