السيد عطّاف الجزائري : كم وجهاً لديك؟ وكم قناعاً ترتدي ؟!

بعد تأجيل كلمة ممثل دولة الجزائر في شخص وزير خارجيتها لمدة يومين عن تاريخ برمجتها كسابقة أمميّة ما لم يكن هناك دوافع أمنية أو طوارئ استثنائية كما جرت بها العادة في ماسبق من تأجيلات… ليصنّف هذا التأجيل ضمن ما يسمّى في العالم الدبلوماسي بخانة ( لافروڨ) الروسي نفسه الذي خفّف الصدمة على الوزير عطّاف ناصحاً إيّاه باستغلال فرصة التأجيل من أجل الراحة والتسوق هذا الويكاند..
هو الويكاند نفسه وبحجم الأحداث التي وقعت خلاله إن على مستوى مقتل الأمين العام لحزب الله أحد حلفاء الجزائر في إطار مايسمى دول الممانعة.. أو على مستوى الكلمة القوية لممثل دولة مالي الذي اتهم الجزائر صراحة بايواء الإرهابيين ونعتهم بالحثالة الدبلوماسية وجماعة المخبولين.. مما جعله يعيد فقرة موقف بلاده الصارم ثلاث مرات.. حتّى قيل أنّه لن يسكت..!؟
والحالة هاته جعلت الجميع ينتظر كلمة السيد عطاف وموقف دولته على ضوء هذين الحدثين البارزين..
وأصدقكم القول وأنا اتابع كلمة الوزير أول أمس بأن السيد عطّاف له من الموهبة التمثيلية ما يجعله خلال 43 دقيقة مدّة عرضه المسرحي ان يتقمص ثلاث شخصيات متنافرة ومتناحرة وبوجوه مختلفة تتغير وقف محاور كلمته..
وإذا تركنا هذه اللغة الخشبية الإنشائية جانباً فإن اهم شيء في حديثه عما يقع بفلسطين وغزة تحديدا هو استعماله ولأول مرّة كلمة ( دولة إسرائيل) التي عوّضت الكيان الصهيوني الغاصب كما في أدبيات جمهورية مكة الثوار وما زالت حتى الآن تستعمل كوصف في الجرائد والتلفزيون هناك..
مالذي تغيّر عند عطاف اول امس وهو بوجه هادئ وقناع الدبلوماسي المعتدل المدافع عن قرارات الجامعة العربية ومبادرتها لتحقيق السلام بالشرق الأوسط بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف
دون أي إشارة إلى مبادرة دولية قبل أيّام بقيادة المملكة العربية السعودية المدعوم بأكثر من 90 دولة وببعد اوروبي قوي ومؤثر..
لماذا هذا الغياب إذا كانت نواياكم صافية.. أم أن المسكنة قناع التقية حتّى تمرّ العاصفة التي جعلتك تغيّب مكرها ايّة إشارة ولو بالتلميح في قتل احد حلفائك الميدانيين في مشروعك الإنفصالي ضد بلدنا واستنساخك انت وعصابتك تجربة جنوب لبنان على جنوب المغرب..
لذلك جئت في هذا المحور الأول من كلمتك لغة وصوتاً وملامح وجهك كما في الآية الكريمة ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة)
وكما كان متوقّعا لدى الجميع من غيرنا هذا التوظيف الروتيني للقضية الفلسطينية لايكون إلاّ مقدمة للحديث عن قضيتنا الوطنية وبالأسطوانة المرشوخة فالمفاجئة هي تغيير القناع بوجه حاد وصارم وصوت ضاغط على المفردات المشددة وبوثوقية وعظمة جنون قصوى كما جاءت في كلمته :
( نؤكد أن ظاهرة الاستعمار مآلها الزوال طال الزمن أم
قصر وأن الحقوق الشرعية والمشروعة للشعب الصحراوي ستجد طريقها للنفاذ عاجلا أم أجلاً
من يخاطب هذا الوزير المسرحي..
هل هي 18 دولة أوربية داعمة للحل المغربي في إطار السيادة الوطنية المغربية
أم 29 قنصلية باقاليمنا الجنوبية ورقم 30 في الأيام القادمة كما قال السيد هلال مؤخراً
ام موقف دولة الدنمارك الايجابي وتأثيره داخل الدول الاسكندنافية..
أم هذا الآجل القادم عند الوزير عطاف موجه للمبادرة الاطلسية وبيان دول الساحل مع المغرب وانبوب الغاز المغربي النيجري..
كل هذه الدول وومواقفها باطلة وجاهلة وغير مدروسة ولا تعرف المستقبل وتنبؤاته إلا الجزائر وحدها تعرف ان تصفية الإستعمار قادم لا محالة لمشروع دولة بعد ربع قرن من الصراخ أصبحت تطوى داخل حقيبة سفر مهرب مافيوزي..
هذا المهرّب المافيوزي بقبعة الوزير في محوره الأخير من ذات المسرحية سيظهر كذاك الذئب الذي بدأ يتأدّب وهو يردّ على ممثل دولة مالي قائلاً :
( على أنّ الجزائر سترد بلغة “مؤدبة وراقية” تعكس الروابط العميقة التي تجمع الجزائر بدول وشعوب المنطقة.. ولن تنجرّ بلدي وراء تلك الإستفزازات الوضعية)
هو قناعه الأخير الذي أسقطته عناوين جرائده وهو على منبر الجمعية العامة.. عناوين كلها لغة ساقطة وتحت الحزام بما فيها وكالة الأنباء الرسمية والقناة العمومية وباللغتين…جعلت من اللغة الرومانسية للسيد الوزير عطاف في وضعية الذئب الذي فضحه ذيله حين تقمص وجه الحمل الوديع أمام تهديدات صارمة من دولة مالي وبلغة العسكر التي يفهمها الكبرانات
( لتعلموا ان الاتفاق لن تتمكنوا من إعادته للحياة.. ولن نبقى شهداء صامتين.. ففي كل طلقة تضرب سنردّ وفي كل كلمة تقال في حقّنا سنردّ.. فقد أعذر من أنذر)
هذا التهديد المباشر والواضح وأمام مرأي ومسمع العالم الذي يتابع بالكثير من الشفقة تقزيم عنترية الدولة القارة وبلد الثوار لتصبح كالعهن المنفوش..
والنظام المنبوذ وسط محيطه وجيرانه على كافة حدوده بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط الذي بدوره سيتعرض للتجفيف كما جاء على لسان تبون في نسخته الأولى..
وإذ نشكر دولة مالي التي نابت عن الجميع في ردع هذا النظام المارق وكشف مناوارته الخبيثة في زعزعة منطقة الساحل والصحراء أمام العالم فإننا مطالبون اليوم بتنسيق جهودنا الجماعي في إماطة هذا الأذى عن طريق وحدة شعوب المنطقة وأفريقيا عموما..
هي الوحدة القادمة عاجلاً أو آجلاً..
أما نحن مع هذا الجار فقد اختزلنا هذا النظام في هذه الجملة :
لنتسلى جميعا مع السفهاء قليلًا ..! ؟

يوسف غريب كاتب صحفي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الدراركة : 13 عضوا يقاطعون دورة المجلس الجماعي، ويحملون المسؤولية للرئيس
التالى عرض أقدم لوحة لمايكل أنجلو للبيع فى لندن.. شاهدها