يعد التطرف والتشدد سمة إنسانية ولدت مع الإنسان منذ بداية الخليقة، فقد عرف العالم أول جريمة قتل على كوكب الأرض عندما قتل قابيل هابيل بسبب الغيرة، وهى أول واقعة سفك دماء منذ هبوط آدم عليه السلام وحواء بحسب المعتقدات الدينية، ومنذ ذلك الوقت لم يتنتهى التشدد أو التطرف، بل ازداد عليهم الإرهاب، ليمثلوا مثلث تدمير الشعوب، وهناك الكثير من الكتب التي تحدثت عن تلك الظواهر ومن بينهم "آفة العصر التطرف" من تأليف محمد أحمد العيسوى.
يتحدث الكتاب خلال صفحاته عن التطرف بأنواعه ومظاهره، ففى الباب الثالث تحدث عن أنواع التطرف والتي شملت التطرف المعرفي، والتطرف الوجداني، والتطرف السلوكي والتطرف الفكري، والتطرف الديني، والذي جاء في تعريفه: يكون الفرد متدينًا عاديًا يأخذ نفسه بتعاليم الدين ومبادئه، ويدعو الناس إلى الأخذ بذلك، وهو حتى هذه اللحظة يدعو إلى شيء لا يملك المجتمع إزاءه إلا تعبيراً عن الرضا والتشجيع، هذا الداعية غالبًا ما يواصل مسيرته نحو التشدد مع نفسه أولاً ومع الناس، ثم يتجاوز ذلك إلى إصدار أحكام قاطعة بالإدانة على من لا يتبعه في مسيرته أو دعوته، وقد يتجاوز ذلك إلى اتخاذ موقف ثابت ودائم من المجتمع ومؤسساته وحكومته.
ويبدأ هذا الموقف بالعزلة والمقاطعة، حتى يصل إلى إصدار حكم فردي على ذلك المجتمع بالردة والكفر، والعودة إلى الجاهلية، ثم يتحول هذا الموقف الانعزالي عند البعض إلى موقف عدواني يرى معه المتطرف أن هدم المجتمع ومؤسساته هو نوع من التقرب إلى الله وجهاد في سبيله، لأن هذا المجتمع -في نظر المتطرف- مجتمع جاهل منحرف، لا يحكم بما أنزل الله.
هنا يتدخل المجتمع لوضع حد لهذا التطرف ومصادره، باعتباره نشاطًا يصل بصاحبه إلى الاصطدام بالعديد من القواعد الاجتماعية والقانونية، فالأمر بالمعروف والنبي عن المنكر أساء هؤلاء استخدام تفسيرهما، ودعاهم هذا إلى الاعتداء على حقوق ليست لهم، وإلى تهديد أمن الأفراد وحرياتهم أو حقوقهم.